كلام الشيخ في موضوع الترجيح بحسب الدلالة وما فيه الأمر الرابع - يظهر من العلامة الأنصاري في شتات كلماته في المقام الرابع ان تقديم النص حتى الظني السند خارج عن الترجيح بحسب الدلالة سواء كانا مثل العام والخاص أو مثل صيغة الوجوب مع ما يدل على نفي البأس عن الترك، فينحصر الترجيح بحسب الدلالات في تعارض الظاهر والأظهر، وان الترجيح بحسب الدلالات مقدم على سائر التراجيح، ومقتضاه ان يكون النص الظني السند خارجا عن أدلة المرجحات موضوعا، والظاهر والأظهر داخلين فيها موضوعا، خارجين حكما.
وهو لا يخلو عن مناقشة: لأن المراد من التعارض في الحديثين المتعارضين ان كان الحقيقي المستقر فالترجيحات الدلالية كلها خارجة عنه، لأن المراد من الترجيح الدلالي ان يكون العرف لا يرى تعارضا بين الكلامين بحسب المحاورات العرفية ويكون أحد الدليلين قرينة عرفية صارفة للآخر، ومثل ذلك لا يكون من المتعارضين في شيء، لأن المتكلم بذلك لا يتناقض بالمقال ولا يضاد أحد كلاميه كلامه الاخر، وان كان المراد منه أعم من ذلك ومن التعارض البدوي فلا إشكال في تعارض النص والظاهر، ضرورة تناقض الإيجاب الكلي أو ما بحكمه مع السلب الجزئي أو ما بحكمه وبالعكس، فأكرم كل عالم يناقض لا تكرم النحويين، وكذا لا تصل في الحمام مع قوله:
لا بأس بالصلاة فيه، لكنهما غير متعارض عرفا للجمع المقبول بينهما، وكذا الكلام في ظاهرين يكون الجمع بينهما مقبولا.
فالأولى ان يقال: ان الحديثين اما ان يكون بينهما توفيق عرفي وجمع عقلائي بحسب قانون المحاورة أولا، فالأول خارج عن مصب اخبار العلاج موضوعا أو انصرافا دون الثاني فيجب العمل فيهما بها.
ثم انه يظهر من الشيخ وغيره ان تعارض النص والظاهر مطلقا خارج عن مصب اخبار العلاج بخلاف الظاهرين فان خروجهما مشروط بان يكون بينهما جمع مقبول، وهذا أيضا لا يخلو عن مسامحة ومناقشة، لأن النص والظاهر أيضا مشروط بذلك،