وليعلم ان هذا الدليل الأخير غير أصالة التعين في دوران الأمر بين التخيير والتعيين وغير بناء العقلاء على تعين الأعلم في مورد الاختلاف فلا تختلط بينه وبينهما وتدبر جيدا.
فالإنصاف انه لا دليل على ترجيح قول الأعلم الا الأصل بعد ثبوت كون الاحتياط مرغوبا عنه وثبوت حجية قول الفقهاء، في الجملة كما ان الأمر كذلك، وفي الأصل أيضا إشكال لأن فتوى غير الأعلم إذا طابق للأعلم من الأعلم من الأموات أو في المثالين المتقدمين يصير المقام من دوران الأمر بين التخيير والتعيين لا تعين الأعلم والأصل فيه التخيير، الا ان يقال: ان تعين غير الأعلم حتى في مورد الأمثلة مخالف لتسالم الأصحاب وإجماعهم فدار الأمر بين التعيين والتخيير في مورد الأمثلة أيضا وهو الوجه في بنائنا على الأخذ بقول الأعلم احتياطا، واما بناء العقلاء فلم يحرز في مورد الأمثلة المتقدمة.
هذا فيما إذا علم اختلافهما تفصيلا بل أو إجمالا أيضا بنحو ما مر، واما مع احتماله فلا يبعد القول بجواز الأخذ من غيره أيضا لإمكان استفادة ذلك من الاخبار بل لا يبعد دعوى السيرة عليه.
في حال المتكافئين المتعارضين في الفتوى هذا كله في المتفاضلين واما في المتساويين فالقاعدة وان تقتضي تساقطهما مع التعارض والرجوع إلى الاحتياط لو أمكن وإلى غيره من القواعد مع عدمه لكن الظاهر ان الاحتياط مرغوب عنه وان المسلم عندهم حجية قولهما في حال التعارض فلا بد من الأخذ بأحدهما والقول بحجيته التخييرية.
وقد يقال بدلالة قوله في مثل رواية أحمد بن حاتم بن ماهويه: فاصمدا في دينكما إلى كل مسن في حبنا وغيرها من الروايات العامة على المطلوب فان إطلاقها شامل لحال التعارض والفرق بينهما وبين أدلة حجية خبر الثقة حيث أنكرنا إطلاقها لحال التعارض:
ان الطبيعة في حجية خبر الثقة أخذت بنحو الوجود الساري فكل فرد من الاخبار مشمول أدلة الحجية تعيينا فلا يعقل جعل الحجية التعينية في المتعارضين، ولا جعل الحجية