واما إنكاره السيرة بدليل ذهاب شيخ الطائفة إلى العمل بالمرجحات في النص والظاهر (ففيه) ان عبارتي العدة والاستبصار لا تدلان على ذلك، خصوصا بعد تصريحه في العدة بان العام والخاص المطلق خارجان عن باب التعارض فراجع ما نقل في الرسائل، هذا مضافا إلى ان بناء شيخ الطائفة ليس على العمل بالمرجحات في العام والخاص والمطلق والمقيد والنص والظاهر في الفقه بالضرورة.
في كلام ابن أبي الجمهور الأمر الثالث - قد ادعى الشيخ ابن أبي الجمهور الإجماع على ان العمل بالدليلين مهما أمكن خير من ترك أحدهما، والظاهر منه خصوصا بقرينة دعوى الإجماع هو التوفيق العرفي المقبول، ولو ادعى غير ذلك يرده بناء العلماء على العمل بالمرجحات فيما لا يمكن التوفيق العرفي، واستدل عليه بان الأصل في الدليلين الأعمال فيجب الجمع بينهما مهما أمكن لاستحالة الترجيح من غير مرجح، وبيانه على النظم القياسي: انه لو لا وجوب الجمع بينهما مهما أمكن للزم اما طرحهما أو طرح أحدهما وهما باطلان فنقيض التالي حق وهو وجوب الجمع مهما أمكن، بيان الملازمة واضح وبطلان التالي بكلا شقيه مذكور في دليله، فان طرحهما خلاف الأصل وترجيح أحدهما بلا مرجح خلاف العقل وبما قررنا في بيانه يظهر ما في الفصول والقوانين، والجواب ان قوله: مهما أمكن ان كان إمكانا عقليا فبطلان الشق الأول من التالي ممنوع، لأن الدليلين حينئذ يصيران من المتعارضين المتساويين وهما متساقطان عقلا، وان شئت قلت: ان كون الأصل في الدليلين الأعمال مسلم في كل واحد منهما من حيث هو دون مقام التعارض فإنه فيه غير صحيح بنحو الإيجاب الكلي فلا ينتج القياس.