أقول: ما أفاده العلمان حق لا محيص عنه لو حاولنا استفادة اعتبار عدم المندوحة من عمومات اخبار التقية ومطلقاتها، بل قد عرفت انه يعتبر عدمها مطلقا لو تمسكنا بأدلة الاضطرار والضرورة، واما بالنظر إلى الاخبار الخاصة الواردة في باب الوضوء والصلاة معهم وغيرهما فالمسألة محل نظر للسكوت عن لزوم إعمال الحيلة فيها مع كون المقام محل بيانه فلو كان عدمها معتبرا في الصحة لم يجز إهماله.
ففي رواية محمد بن الفضل كتب إلى أبي الحسن موسى يسأله عن الوضوء فكتب إليه أبو الحسن عليه السلام فهمت ما ذكرت من الاختلاف في الوضوء والذي آمرك به في ذلك ان تتمضمض ثلاثا وتستنشق ثلثا، وتغسل وجهك ثلاثا، وتخلل شعر لحيتك ثلثا، وتغسل يديك إلى المرفقين ثلثا، وتمسح رأسك كله، وتمسح ظاهر أذنيك وباطنهما، وتغسل رجليك إلى الكعبين ثلثا، ولا تخالف ذلك إلى غيره (إلخ) (1).
فلو كان إعمال الحيلة واجبا ولم تصح الوضوء مع تركه كان عليه البيان مع إمكان إعمالها بأيسر ما يكون خصوصا في غسل الوجه واليدين بنية الوضوء في الغسلة الأخيرة أو الثانية والثالثة.
وتوهم التقية في المكاتبة يدفعه المكاتبة الثانية بل نفس مكاتبة ابن يقطين معه مخالفة للتقية لو لا الا من من الإفشاء ومعه لا معنى للتقية في الفتوى، ولا ريب ان ابن يقطين كان يعمل على طبق مكاتبته من غير إعمال الحيلة كما صرح به في الرواية، ومثلها رواية داود الرقي (2)