في انه هل يتعدى من المرجحات المنصوصة الأمر الثالث هل يتعدى من المرجح المنصوص إلى غيره أم لا؟ ذهب الشيخ المرتضى قدس سره إلى التعدي مدعيا ان التأمل الصادق في أدلة التخيير يقتضى استظهار الاختصاص بصورة التكافؤ من جميع الوجوه كما ان تدقيق النظر في اخبار الترجيح ولو بمعونة الفتاوى يقتضى استنباط وجوب العمل بكل مزية يوجب أقربية ذيها إلى الواقع، ولم ينبه على طريق الاستظهار المدعى من أدلة التخيير.
وقد اتضح مما سبق ان العمدة فيها هي رواية الحسن بن الجهم ولا إشكال في إطلاقها وعدم إمكان ذلك الاستظهار منها بل ولا من ساير الاخبار على فرض عدها من اخبار التخيير.
نعم لو كانت دعواه إهمال أدلة التخيير والقدر المتيقن منها هو صورة التكافؤ من جميع الجهات أو ان الذهاب إلى التخيير ليس لأجل الأدلة اللفظية لقصور ما دل منها سندا كرواية ابن الجهم كان له وجه، لكن قد عرفت بيان إطلاقها، واما قصور سندها فالظاهر جبره بعمل الأصحاب بناء على ان مبنى حكمهم بالتخيير انما هو هذه الروايات لا غير.
ثم انه لو فرض التعدي إلى مطلق المرجحات لا بد من رفع اليد عن وجوب التخيير لندرة مورد لا يكون مرجح ما لأحد الخبرين، اللهم الا ان يقال: ان مبنى فتوى الأصحاب بوجوب التخيير ليس مثل رواية ابن الجهم كما سيأتي بيانه.
في استدلال الشيخ على التعدي من المنصوص واما قضية استفادة التعدي من أدلة المرجحات فقد استدل عليه بأمور:
منها ما في المقبولة والمرفوعة بالترجيح بالأصدقية والأوثقية فان الترجيح بهما ليس الا من حيث الأقربية إلى الواقع من دون دخالة سبب خاص فيه وليستا كالأعدلية والأفقهية حيث يحتمل فيهما اعتبار الأقربية من السبب الخاص فحينئذ يتعدى منهما إلى كل صفة في الراوي تكون من أجلها كذلك.