الضآلة لا يبرهن على ضرورة ذلك فإن هذا الفناء ليس امرأ برهانيا كما أوضحناه في الأسس المنطقية للاستقرار (1) وإنما هو مصادرة مشتقه من تركيب ذهن الانسان الذي خلق بنحو لا يحتفظ بالاحتمالات الضئيلة جدا فلو وجد ذهن يختلف في خلقته عن ذلك طبعا أو تطبعا فلا محذور في أن يلتفت إلى ذلك، نعم لو كان البطؤ في اليقين نتيجة عدم الالتفات إلى البديهيات ومشتقاتها فلا يمكن لهذا الشكاك أن يعتقد بهذا الواقع بشأن شكه وأنه نشأ من عدم الالتفات إلى تلك البديهات. وأما من يسرع إليه اليقين وهو القطاع فهو لا يمكنه أن يعترف بأن يقينه هذا بلا مبرر وإلا لفقده ولكن بامكانه أن يلتفت إلى أنه أسرع يقينا من غيره وأن غيره لا يشاركه في يقينه من دون أن يفقده ذلك يقينه إذ قد يفسر ذلك على أساس أنه يتميز بتجارب وخبرات تجعله يلغي جملة من الاحتمالات التي يحتفظ بها غيره.
وعلى أي حال فالكلام يقع في جهات:
الجهة الأولى - في الشك غير العقلائي في طرف الالزام أي التشكيك حيث يحصل للانسان الاعتيادي اليقين أو الاطمئنان بعدم الالزام ويفرض ذلك في مورد يكون الشك فيه منجزا كمورد الشك في الامتثال فهل يجب على الوسواسي مراعاة احتماله غير المتعارف لعدم الامتثال أولا الظاهر عدم وجوب المراعاة بأحد التقريبات التالية.
الأول: المنع عن جريان أصالة الاشتغال في نفسها بدعوى أنها تعني منجزية التكليف بالاحتمال المذكور وهو فرع أن يكون للمولى حق الطاعة بهذه المرتبة التي يسد بها باب هذه الاحتمالات غير العقلائية وبالامكان انكار هذا الحق رأسا وهو أمر واضح بالنسبة إلى الموالي العرفيين فإذا تم انكاره فلا موضوع لأصالة الاشتغال في نفسها لأن مرجع حكم العقل بوجوب الامتثال