فلا تتوضأ منه ولا تشرب منه وإن لم تعلم أن في منقارها قذرا توضأ منه واشرب والقذر هو النجس، فليس الإمام (ع) في هذه الفقرة بصدد بيان النجاسة الظاهرية، بل في مقام بيان أن الطهارة لا يرفع اليد عنها إلا بالعلم بالقذر تأكيدا على شمولها ورحابة صدرها.
الثانية: في توهم منافاتها لدليل الاستصحاب بالبيان المتقدم وتقريبه أما بدعوى: كونها معارضة لدليل الاستصحاب بالعموم من وجه، لشمولها لصورة العلم بالدم سابقا مع الشك في زواله. وإما بدعوى: كونها بحكم الأخص منه، لأن الغالب هو العلم عادة بتلوث منقار الصقر ونحوه في وقت متقدم.
أما الدعوى الأولى فيرد عليها: أنه لو سلم التعارض كذلك فدليل الاستصحاب مقدم في مادة الاجتماع، إما لكونه بالعموم بلحاظ كلمة أبدا والعام مقدم على المطلق ولو للأظهرية. وإما لكونه أصلا موضوعيا متضمنا للعلم تعبدا ببقاء الدم، فيدخل بالحكومة تحت الجملة الثانية القائلة " فإن رأيت في منقاره دما "، بعد استظهار أن الرؤية مأخوذة باعتبار الكاشفية وكونها مساوقة للعلم بوجود الدم، واستصحاب بقائه علم تعبدي بوجوده فعلا.
وأما الدعوى الثانية فيرد عليها: أن وجود الدم على المنقار سابقا وإن كان معلوما في الجملة ولكن عدمه سابقا معلوم في الجملة أيضا، إذ من الواضح أن منقار الطير لا يكون ملوثا بالدم دائما فيكون من توارد الحالتين، ويتعارض الاستصحابان. هذا كله لو بني على أن الاستصحاب في نفسه يجري بقطع النظر عن الموثقة المعارضة.
ولكن قد يستشكل في جريانه: إما بناءا على أن بدن الحيوان لا يتنجس بالنجاسة العرضية في حال وجود العين، فلتعذر اجراء الاستصحاب في النجاسة العينية والنجاسة الحكمية. أما في الأولى فلأن ابقاء الدم استصحابا لا يثبت ملاقاة الماء للدم إلا بالملازمة، وأما في الثانية فلعدم الحالة السابقة