ما رواه الصدوق بسنده عن ابن مسكان عن الحلي قال: " سألته عن رجل دفع ولده إلى ظئر يهودية أو نصرانية أو مجوسية ترضعه في بيتها أو ترضعه في بيته قال: ترضعه لك اليهودية والنصرانية وتمنعها من شرب الخمر وما لا يحل مثل لحم الخنزير ولا يذهبن بولدك إلى بيوتهن والزانية لا ترضع ولدك فإنه لا يحل لك والمجوسية لا ترضع لك ولدك إلا أن تضطر إليها " (1).
وهي معتبرة سندا فتقع المعارضة بينها وبين رواية عبد الرحمن المجوزة فإذا لم يمكن تقييد رواية عبد الرحمن بصورة الاضطرار لكونها ظاهرة في النظر إلى صورة الاختيار أو باعتبار كون صورة الاضطرار فردا نادرا في بلاد المسلمين لندرة المشركين في بلاد المسلمين في عصر الرواية فيتعين أن تحمل معتبرة الحلبي على الكراهة لمكان صراحة الأخرى في نفي البأس كما هو مقتضى القاعدة في كل مقام من هذا القبيل ولكن تبقى على كل حال دعوى التعدي من الارضاع بالحليب النجس إلى غيره على عهدة مدعيها.
وعليه فبناء على تمامية رواية الاسترضاع في الدلالة على جواز اعطاء الصبي حليب المشركة النجسة إن قلنا بنجاسة الحليب وأنه جزء من المرأة النجسة كانت الرواية دالة على جواز اعطاء عين النجاسة للطفل فضلا عن المتنجس بها وإن قلنا بأن حليب المشركة متنجس بعين النجس.
دلت الرواية على جواز اعطاء المتنجس بعين النجس ولا يبقى معها ما يدل على المنع من اعطاء النجس لأن المنع كان بلحاظ روايات الأمر بالإراقة الدالة بالمطابقة على المنع من اعطاء المتنجس وبالالتزام والأولوية على المنع من اعطاء النجس فإذا سقط المدلول المطابقي عن الظهور في اللزوم لا يبقى مجال للأخذ باللزوم في المدلول الالتزامي.