ويمكن أن يقرب الحكم بعدم النجاسة تارة بالتمسك باطلاق مقيد من قبيل (كل يابس زكي) (1) بدعوى أن اليبوسة في مقابل نداوة ماء لا في مقابل مطلق الميعان، وأخرى بدعوى أن المقيد اللبي وهو الارتكاز القاضي بعدم السراية مع الجفاف يشمل جزما أو احتمالا هذا النحو من الميعان غير المائي ومع احتمال شموله لا يمكن التمسك باطلاق دليل الانفعال لأنه من موارد المقيد المتصل الدائر أمره بين الأقل والأكثر، وثالثة بدعوى انكار وجود مطلقات في أدلة الانفعال رأسا لأن دليل الانفعال المطلق إما أن يكون متصيدا من الروايات الواردة في الموارد المتفرقة أو معتبرة عمار (2) الآمرة بغسل كل ما أصابه ذلك الماء والمتصيد لا يمكن أن يعمم لمحل الكلام والموثقة موردها ملاقاة الماء.
وبما ذكرناه ظهر أن الذهب المذاب ونحوه إذا كان مرطوبا برطوبة مائية ولاقى النجس سطحه ولم تسر النجاسة إلى تمامه شأنه شأن الحامد لأن سراية النجاسة إلى تمام المائع بالملاقاة على خلاف القاعدة ويحتاج إلى دليل من نص خاص أو تحكيم الارتكاز على دليل الانفعال وكلاهما لا يفي باثبات السراية في المقام.
وعلى هذا الأساس فإن الرطوبة التي توجب الانفعال بالملاقاة هي الرطوبة المسرية التي توجب التلوث سواء كانت مائية في نظر العرف كرطوبة الماء والماء المضاف أو غير مائية كرطوبة النفط والزيت كما أن الميعان الذي يوجب انفعال تمام المائع بالملاقاة هو الميعان الذي يحقق تلك الرطوبة المسرية.