يمكن التفكيك بدعوى أن الرطوبة الدخلية في التنجيس إذا كانت في النجس فلا يكفي مجرد وجودها بل لا بد أن تكون بنحو تسري منه فعلا إلي الملاقي ومن هنا لا يجري استصحاب رطوبة النجس وأما إذا كانت في الملاقي للنجس فلا يعتبر فيها السريان إلى النجس لأن اعتبار سريان الرطوبة في التنجيس يتطابق مع المرتكزات العرفية في جانب النجس لا في جانب الطاهر إذ ما معنى أن الطاهر المرطوب لا ينجس إلا إذا سرى منه شئ إلى النجس فإن مناط سراية القذارة عرفا أن يكتسب غير القذر شيئا من القذر لا العكس إلا أن يلتزم باعتبار سراية الرطوبة من الطاهر إلى النجس بدرجة توجب السراية مرة أخرى من النجس إلى الطاهر وهذا معناه أن الرطوبة التي تفي بالشرط في جانب الملاقي يحب أن تكون أشد من الرطوبة التي تفي بالشرط في جانب القذر وهو بعيد عن اتجاه المسألة فتوى وعرفا بل قد يقال: إن اعتبار كون الرطوبة في النجس مسرية إنما هو من أجل أن المناط في السراية حقيقة رطوبة الملاقي لأن الملاقي الجاف لا يتأثر فالملاقي إن كان رطبا في نفسه تأثر على أي حال ولو لم تكن رطوبته مسرية وإن لم يكن رطبا كذلك وكان النجس رطبا فلا بد من أن تكون رطوبته مسرية لكي يصبح الملاقي رطبا وبالتالي صالحا للتأثر وعليه لا يكون الاستصحاب في المقام مثبت نعم قد يتأمل في ترتب نجاسة الماء على الاستصحاب المذكور بنحو يشبه التأمل في ترتب نجاسة الملاقي لبدن الحيوان على استصحاب بقاء عين النجاسة عليه حتى لو قيل بأن بدن الحيوان ينجس ثم يطهر بزوال العين فلاحظ.
الرابع: أنه إذا شك في بقاء القذر الجاف على الثوب من ناحية الشك في مقداره فهل يجري استصحاب بقائه، والتحقيق:، إن ما علم بارتفاعه إن كان معلوم الانطباق على الأقل المتيقن حدوثا فلا معنى لاجراء