الثاني أن يقال بأن اطلاق الأمر بالغسل مرتين من البول وإن كان لا يشمل بلفظه محل الكلام إلا أنه يستفاد منه الحكم بالأولوية العرفية لأن ملاقي البول المسبوق بملاقاة الدم ليس أقل قذارة عرفا من ملاقي البول غير المسبوق بملاقاة الدم.
ويرد عليه إنا افترضنا أن العرف يعترف بالمبنى وهو أن المتنجس بالدم لا ينفعل ثانية بالبول بخلاف الطاهر الملاقي للبول ابتداءا فمن المعقول لديه عندئذ عدم لزوم تعدد الغسل إلا في الملاقي مع البول ابتداءا لأنه المنفعل به دون الملاقي مع الدم وإنما يحكم وجداننا بغرابة هذه النتيجة باعتبار غرابة المبنى نفسه وهكذا يتضح أنه على مبنى عدم تنجس المتنجس لا يوجد طريق فني لاثبات وجوب التعدد.
المقام الثاني: في تحقيق كبرى تنجس المتنجس وحاصل ذلك أن مقتضى اطلاق أدلة الانفعال هو أن المتنجس يتنجس ثانية بالملاقاة فلا بد لابطال هذا الاطلاق من اثبات وذلك بأحد الوجوه التالية:
الأول: إن تنجس المتنجس ثانيا يلزم منه اجتماع المثلين، ويرد عليه أن محذور اجتماع المثلين إنما يتم في الصفات الحقيقية والعرفية لا في الاعتباريات فقد ينطبق المحذور على القذارة الحقيقية العرفية فيمتنع اجتماع فردين منها ولكن لا استحالة في وقوع مثل ذلك في القذارات الاعتبارية.
ولو قيل: بأن الدليل اعتبار القذارة لسانه لسان التنزيل منزلة القذارة العرفية فما لا يمكن افتراضه في القذارة العرفية لا يفي دليل التنزيل باثباته.
قلنا: إن القذارة العرفية بنفسها قابلة للاشتداد فليكن الأمر بالغسل عند الملاقاة ارشادا إلى حدوث نجاسة بالنحو المناسب مرتبة أو ذاتا والاشتداد في الاعتبار وإن كان مستحيلا ولكن تعلق الاعتبار الشديد ممكن كما لا يخفى.