استصحاب النجاسة في نفسه أولا وعن كونه محكوما لاستصحاب آخر ثانيا.
أما الأول: فإن بني على أن المتنجس لا يتنجس ثانيا فاستصحاب النجاسة شخصي ولا اشكال في جريانه في نفسه وكذلك أن بني على اشتداد النجاسة بالملاقاة الثانية وإن بني على تعدد النجاسة واجتماع النجاستين معا فيكون المقام من استصحاب القسم الثالث من الكلي وإن فرض تضادهما كان من القسم الثاني من استصحاب الكلي.
وأما الثاني: فقد ذكر السيد الأستاذ في تقريب ذلك أن استصحاب النجاسة من قبيل استصحاب القسم الثاني من الكلي وكلما كان للكلي المردد حالة سابقة بحيث يعلم بوجوده في ضمن القصير سابقا وحصل التردد فيه بقاء كان استصحاب بقاء ذلك الفرد القصير بحده حاكما والمقام من هذا القبيل لأن النجاسة الدمية القصيرة معلومة سابقا فتستصحب بحدها ويحكم ذلك على استصحاب كلي النجاسة ويثبت انتهاء أمدها بالغسل مرة (1).
ويرد عليه أن التردد بين الفردين وإن كان قد حصل في المقام بقاءا لا حدوثا إلا أن هذا بمجرده لا يكفي ملاكا للتفصيل في استصحاب الكلي من القسم الثاني ولا يجدي في حكومة استصحاب بقاء الفرد القصير على استصحاب الكلي وذلك باعتبار أن انتقاء الكلي ليس أثرا شرعيا لثبوت الفرد القصير بحده كي يترتب على استصحابه وإنما هو لازم عقلي لا يثبت بالأصل.
والتحقيق أنه إذا بني على أن المتنجس لا يتنجس ثانية فاستصحاب النجاسة شخصي لا كلي إذ هناك نجاسة واحدة معينة وهي على تقدير ترتفع بالغسل مرة وعلى تقدير لا ترتفع إلا بالتعدد وفي مثل ذلك يجري استصحاب عدم الملاقاة للبول ويكون حاكما على ذلك الاستصحاب الشخصي لأنه ينقح ذلك التقدير الذي يترتب عليه شرعا التطير بالغسل مرة فإن التطهير