جعل الميزان امكان تطويق النجاسة عرفا المرتبط بمدى النفوذ لا الجمود والميعان بعنوانيهما.
ومن هذا القبيل أيضا معتبرة الحلبي قال " سألت أبا عبد الله (ع) عن الفأرة والدابة تقع في الطعام والشراب فتموت فيه فقال إن كان سمنا أو عسلا أو زيتا فإنه ربما يكون بعض هذا فإن كان الشتاء فانزع ما حوله وكله وإن كان الصيف فارفعه حتى تسرج به وإن كان ثردا فاطرح الذي كان عليه ولا تترك طعامك من أجل دابة ماتت عليه " (1) ففي هذه الرواية لم ينط الحكم بالسراية بعنوان الميعان بل بالشتاء والصيف ومدخلية الفصلين وإن كانت بلحاظ الانجماد والميعان ولكنه يناسب مع التنزيل على المرتكز العرفي حيث إن المائع في الصيف تتسع دائرة نفوذه بينما تضيق في الشتاء بحيث يمكن تطويق النجاسة فيه ولهذا ورد التعبير بقوله (فانزع ما حوله) وقد يشعر بعدم النفوذ قوله في آخر الرواية (ولا تترك طعامك من أجل دابة ماتت عليه) إذ قيل بأنها ماتت عليه لا فيه.
بقي شئ يرتبط بفقه هذا الحديث حيث جاء فيه قوله (وإن كان ثردا) والكلمة مرددة بين (ثردا) (2) و (بردا) (3) وقد استظهر أنه الثرد بمعنى الثريد بتقريب أنه على الاحتمال الآخر يكون تكرارا لنفس الجملة السابقة التي تفترض حكم الشتاء ويمكن أن يناقش في ذلك بأنه وإن استلزم التكرار ولكنه تكرار عرفي في أمثال المقام من أجل توضيح أن الشتاء إنما أخذ بنحو المعرفية إلى البرد لا على وجه الموضوعية وكون ذلك مفهوما بمناسبات الحكم والموضوع لا يمنع عن تصدي المتكلم لتفهيمه وكان الأولى