وكلما تعددت الأطراف المسؤول عنها تعددت المسائل بحسبها.
وبقي أن نعرف لماذا يكون هذا من المغالطة؟ فنقول: إن ورود سؤال واحد ينحل إلى عدة أسئلة قد يوجب تحير المجيب ووقوعه في الغلط بالجواب. وليس هذا التغليط من جهة كون التأليف بين هذه القضايا التي ينحل إليها السؤال قياسيا، بل هي بالفعل لا تؤلف قياسا، فلذلك جعلنا هذا النوع مقابلا لأنواع الخلل الواقع في التأليف القياسي الآتية.
نعم، قد تنحل قضية إلى قضيتين، مثل قولهم: " زيد وحده كاتب " فإنها قضية واحدة ظاهرا، ولكنها تنحل إلى قضيتين: زيد كاتب، وأن من سواه ليس بكاتب. ويمكن أن يقال عنها: جمع المسائل في مسألة واحدة، باعتبار أن كل قضية يمكن أن تسمى مسألة باعتبار أنها قد تطلب ويسأل عنها.
ولو أنك جعلت مثلها جزء قياس فإن القياس الذي يتألف منها لا يكون سليما ويكون مغالطة، كما لو قيل: " الإنسان وحده ضحاك، وكل ضحاك حيوان " ينتج " الإنسان وحده حيوان " والنتيجة كاذبة مع صدق المقدمتين. وما هذا الخلل إلا لأن إحدى مقدمتيه من باب جمع المسائل في مسألة واحدة، إذ تصبح القضية الواحدة أكثر من قضية، فيكون القياس مؤلفا من ثلاث قضايا، مع أنه لا يتألف قياس بسيط من أكثر من مقدمتين.
وعليه، يمكن أن يقال: إن جمع المسائل في مسألة واحدة مما يقع في تأليف قياسي ويوجب المغالطة. ولأجل هذا مثل بعضهم لجمع المسائل بهذا المثال المتقدم.
ولكن الحق: أن هذا المثال ليس بصحيح وإن وقع في كثير من كتب المنطق المعتبرة (1) لأن هذا الخلل في الحقيقة يرجع إلى " سوء التأليف " الآتي، ولا يكون هذا نوعا مقابلا للأنواع التي تخص التأليف القياسي، على أن الظاهر من تعبيرهم بالمسألة في هذا الباب إرادة المسألة بمعناها