للعلم بثبوت الأكبر للأصغر، كما أنه يعتبر فيه المناسبة بين النتيجة والمقدمات، وضرورية المقدمات.
فإن اختل أحد هذه الأمور ونحوها بأن يظن أن الحد الأوسط علة لثبوت الأكبر للأصغر، أو يظن المناسبة بين النتيجة والمقدمات أو أنها ضرورية، وليست هي في الواقع كما ظن وتوهم، فإن كل ذلك يكون من باب وضع ما ليس بعلة علة. ويكون جعل القياس المؤلف على حسبها برهانا مغالطة موجبة لتوهم أنه برهان حقيقي.
مثاله:
ما ظنه بعض الفلاسفة المتقدمين من جواز انقلاب العناصر بعضها إلى بعض، باعتبار أن العناصر أربعة، وهي: الماء والهواء والنار والتراب، فقالوا بانقلاب الهواء ماء والماء هواء. واستدلوا على الأول بما يشاهد من تجمع ذرات الماء على سطح الإناء الخارجي عند اشتداد برودته، فظنوا أن الهواء انقلب ماء. وعلى الثاني بما يشاهد من تبخر الماء عند ورود الحرارة الشديدة عليه، فظنوا أن الماء انقلب هواء (1).
وباستدلالهم هذا قد وضعوا ما ليس بعلة علة، إذ حسبوا أن العلة في الانقلاب هو تجمع ذرات الماء على الإناء وتبخر الماء. بينما أن ما حسبوه علة ليس بعلة، فإن الماء إنما يتجمع من ذرات البخار الموجودة في الهواء والبخار هو ذرات الماء، فالماء - لا الهواء - تحول إلى ماء، أي: أن الماء تجمع. وكذلك حينما يتبخر الماء بالحرارة يتحول إلى ذرات صغيرة من الماء هي البخار، فالماء قد تحول إلى الماء، لا إلى الهواء، أي: أن الماء تفرق.