إحساسنا، فيحصل بتكرر المشاهدة ما يوجب أن يرسخ في النفس حكم لا شك فيه، كالحكم بأن كل نار حارة، وأن الجسم يتمدد بالحرارة. ففي المثال الأخير عندما نجرب أنواع الجسم المختلفة: من حديد ونحاس وحجر وغيرها مرات متعددة، ونجدها تتمدد بالحرارة، فإنا نجزم جزما باتا بأن ارتفاع درجة حرارة الجسم من شأنها أن تؤثر (1) التمدد في حجمه، كما أن هبوطها يؤثر التقلص فيه. وأكثر مسائل العلوم الطبيعية والكيمياء والطب من نوع المجربات.
وهذا الاستنتاج في التجربيات من نوع الاستقراء الناقص المبني على التعليل الذي قلنا عنه في الجزء الثاني: إنه يفيد القطع بالحكم. وفي الحقيقة: أن هذا الحكم القطعي يعتمد على قياسين خفيين (2): استثنائي واقتراني يستعملهما الإنسان في دخيلة نفسه وتفكيره من غير التفات غالبا.
والقياس الاستثنائي هكذا:
لو كان حصول هذا الأثر اتفاقيا لا لعلة توجبه لما حصل دائما (3).
ولكنه قد حصل دائما (بالمشاهدة) / حصول هذا الأثر ليس اتفاقيا، بل لعلة (4) توجبه.