الذي لا يتوقع صوت الرعد عند مشاهدة البرق في السحاب؟ ومن ذا الذي لا يستنبط أن النوم يجم القوى، وأن الحجر يبتل بوضعه في الماء، وأن السكينة تقطع الأجسام الطرية؟ وقد نحكم على شخص بأنه كريم لأنه يشبه في بعض صفاته كريما نعرفه، أو نحكم على قلم بأنه حسن لأنه يشبه قلما جربناه... وهكذا إلى آلاف من أمثال هذه الاستنتاجات تمر علينا كل يوم.
وفي الحقيقة أن هذه الاستنتاجات الواضحة التي لا يخلو منها ذو شعور ترجع كلها إلى أنواع الحجة المعروفة التي نحن بصدد بيانها، ولكن على الأكثر لا يشعر المستنبط أنه سلك أحد تلك الأنواع وإن كان من علماء المنطق. وقد تعجب لو قيل لك: إن تسعة وتسعين في المائة من الناس هم منطقيون بالفطرة من حيث لا يعلمون.
ولما كان الإنسان - مع ذلك - يقع في كثير من الخطأ في أحكامه، أو يتعذر عليه تحصيل مطلوبه لم يتسغن عن دراسة الطرق العلمية للتفكير الصحيح والاستدلال المنتج.
والطرق العلمية للاستدلال - عدا طريق الاستدلال المباشر الذي تقدم البحث عنه - هي ثلاثة أنواع رئيسة:
1 - القياس: وهو أن يستخدم الذهن القواعد العامة (1) المسلم بصحتها في الانتقال إلى مطلوبه (2). وهو العمدة في الطرق.