يكون هناك شئ واحد قابلا وفاعلا بجهة واحده.
قلنا أولا ان في كل مركب يتحقق امر بسيط ولكل واحد من البسائط شئ من اللوازم ولا أقل من كونه واحدا أو ممكنا عاما أو مفهوما وثانيا ان الحقيقة المركبة أيضا لها وحده مخصوصة حتى العشرة في عشريتها والخمسة في خمسيتها ولها لازم واللازم الذي يلزمها من هذه الحيثية ليس علة لزومه أحد اجزاء ذلك المجتمع والا لكان حاصلا قبل ذلك الاجتماع وليس القابل له أيضا أحد اجزائه فان السطح وحده في المثلث لا يمكن ان يكون موصوفا بتساوي الزوايا لقائمتين ولا الأضلاع الثلاث فقط بل القابل هو المجموع من حيث ذلك المجموع وكذا الموجب المقتضى فكان الشئ الواحد باعتبار واحد قابلا وفاعلا ولذلك ترى الشيخ وأترابه تبعا للمعلم الأول والمشائين لم يبالوا في اثبات الصور العلمية الزائدة على ذاته لذاته ولم يحذروا عن لزوم كونه فاعلا وقابلا بهذا المعنى كما سيجئ ذكره وتحقيق الامر في ذلك.
ذكر وتحصيل قال بعض اعلام المتأخرين في هذا المقام ايجاب الفاعل للمفعول مقدم على فعله بالذات وامكان حصول المقبول في القابل مقدم على قبوله فلو كان الواحد الحقيقي الذي لا تعدد فيه بوجه من الوجوه فاعلا لشئ وقابلا له لكان قبل الفعل والقبول جهتان جهة بها يوجبه ويقتضيه وجهه بها يستحقه ويمكن حصوله فيه.
أقول العمدة هنا اثبات تكثر الجهة لأجل الاتصاف سواء كان قبل الفعل و القبول أو حين الفعل والقبول فان الكلام في تعدد جهة يحصل منها الايجاب وجهه يحصل منها الاستحقاق ووحدتهما كالكلام في تعدد جهتي الفعل والقبول ووحدتهما بلا تفاوت فلو تم لتم الاستدلال والا فلا وقد استدلوا لاثبات هذه الدعوى بوجوه عديده أخرى يجرى مجرى ما ذكرناه فلهذا طوينا ذكرها وتركنا نقلها لان شيئا منها لا يسمن ولا يغنى.