الظاهر أن الاختصاص عين الإضافة الخاصة القائمة بين المضاف والمضاف إليه فإن لوحظت باللحاظ الاستقلالي كانت معنى اسميا مدلولا عليه بلفظ الاختصاص ونحوه وإن لوحظت باللحاظ الآلي كانت معنى حرفيا مدلولا عليه بالهيئة التي عليها المضاف والمضاف إليه أو باللام الظاهرة أو المقدرة وحينئذ لا يتعلق بها الجار والمجرور إذ لا بد في متعلقهما من أن يكون ملحوظا معنى اسميا لأن تعلق شئ بآخر يستوجب إضافة بينهما وتلك الإضافة لا تقوم بالمعنى الحرفي بل لا بد أن تقوم بمعنى اسمي ليكون ملحوظا على نحو الاستقلال وتلحظ الإضافة تبعا له كما هو ظاهر (قوله:
لأن السائل إنما) حاصله أن ملاحظة السؤال تقتضي علم السائل بأن اللزوم بعد التلف - كما يقتضيه تعليق اللزوم على العطب والنفوق - فإذا كان ظرف اللزوم التلف امتنع أن يكون يوم المخالفة قيدا له لأنه يلزم أن يكون ظرفه يوم المخالفة أيضا، وذلك متناف فلا بد أن يكون يوم المخالفة قيدا لأمر آخر غير اللزوم، وأيضا فإن ظاهر السؤال السؤال عن المقدار اللازم بالتلف بعد العلم بثبوت الضمان به فلا بد أن يحمل الجواب على إرادة بيان المقدار وذلك يقتضي تعليق الظرف بغير اللزوم وإلا لم يكن جوابا عن السؤال (قوله: كما يدل عليه أرأيت) لا يخفى أن ضمير الفاعل في قول السائل: يلزمني، راجع إلى البغل فإن حمل الاستفهام على الحقيقي فقد دل على جهل السائل بلزوم البغل على تقدير التلف فلا طريق إلى دعوى علم السائل باللزوم فضلا عن كونه بسبب المخالفة ولا إلى كون السؤال عن المقدار اللازم، وإن حمل على الاستفهام التقريري فقد دل على علم السائل بلزوم البغل وحينئذ لا بد أن يكون الغرض من التقرير المذكور إما الاستشكال في قوله " ع ": أرى له عليك... الخ من جهة منافاة الضمان للزوم الأجرة أو غير ذلك، وكيف كان فلا دليل على كون السؤال عن المقدار اللازم بسبب المخالفة - كما لعله ظاهر - ومما ذكرنا يظهر أنه لا داعي إلى حمل السؤال على الاستفهام التقريري، بل لا يجوز لعدم مساعدة الجواب على ذلك فيتعين حمله على الاستفهام الحقيقي ويكون ذكر القيمة في الجواب ردعا عن توهم لزوم نفس البغل كما أن ذكر يوم المخالفة كان ردعا عن توهم ثبوت الضمان