حاصر، وكلا هما باطل، وحينئذ فلا تكون أعم منه، بل مساوية له، وذلك يبطل قول علمائهم بأن الإيمان لا يكون معرفة.
اللهم إلا أن يقال: إن التقسيم إنما هو للعلم الكسبي لا لمطلق العلم، والمعرفة الإذعانية قسم من مطلق العلم، كسبيا كان أو ضروريا، فيجوز حينئذ كونها أعم.
لكن هذا غير مانع من صحة تعريف الإيمان بالمعرفة، إذ غايته أنه تعريف بالأعم، وقد جوزه بعضهم، على أن منشأ المنع في كلامهم لم يكن هو العموم بل كون الإيمان اختياريا أو غير اختياري.
ونحن قد بينا أن العلم الحاصل للنفس بما يتحقق به الإيمان قد يكون غير اختياري وغير كسبي، كما إذا اتفق حصوله بكشف أو بمشاهدة المعجزة مع سبق دعوى النبوة، من غير أن يكون الناظر في المعجزة قاصدا لتحصيل الحق فإنه إذا شاهد المعجزة حصل له في الحال العلم الضروري بصدق المدعى في كل ما أدعاه، ولا ريب في تحقق الإيمان بذلك مع أنه لم يكتسبه.
على أنا لو قطعنا النظر عن جميع ذلك، فحكمهم بأن الإيمان ليس هو المعرفة لا يجامع الذي ذكروه من أن ربط القلب لا يكون إلا بواسطة أمر يفيد اطمئنان القلب غير الخبر، كالقرآن والتواتر، أو صدق المخبر كعصمته، أو غير ذلك من الأسباب، بل ليس الحاصل من ذلك إلا المعرفة والعلم.
فإن قلت: على ما ذكرت كان الواجب أن يعرف الإيمان بالمعرفة لا بالتصديق.
قلت: لما كان ما ذكرناه من حصول الإيمان بغير الكسب أمرا نادرا لا يحصل إلا لذوي إلا نفس (1) القدسية جعل كالمعدوم، فلم يعتبر في التعريف.
أو نقول: إن التصديق المأخوذ في تعريف الإيمان الشرعي يشمل الفرد المذكور، إذ قد بينا أنه نقل عن معناه اللغوي إلى الاذعان القلبي، وهو يشمل