لأنا نقول: المرجح موجود، وهو فاعل المختار القادر على الايجاد والإعدام حتى في الحقائق الوجودية، فكيف بالحقائق الاعتبارية، ولا ريب أن الإيمان والكفر حقيقتان اعتباريتان للشارع، فاعتبر الاتصاف بالإيمان عند حصول عقائد مخصوصة، وانتفائه عند انتفائها، وكلاهما مقدوران للمعتقد.
وظاهر كثير من الآيات الكريمة دال عليه، كقوله تعالى " إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم ازداد وا كفرا " (1) وقوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم بعد إيمانكم كافرين " (2).
وذهب بعضهم إلى عدم جواز زوال الإيمان الحقيقي بضد أو غيره، ونسب ذلك إلى السيد المرتضى رضي الله عنه، مستدلا بأن ثواب الإيمان دائم وعقاب الكفر دائم، والاحباط والموافاة عنده (3) باطلان.
أما الاحباط فلاستلزام أن يكون الجامع بين الإحسان والإساءة بمنزلة من لم يفعلهما مع تساويهما أو بمنزلة من لم يحسن إن زادت الإساءة، أو بمنزلة من لم يسئ مع العكس، واللازم بقسميه باطل قطعا، فالملزوم مثله.
وأما الموافاة فليست عندنا شرطا في استحقاق الثواب بالإيمان، لأن وجوه الأفعال وشروطها التي يستحق بها ما يستحق لا يجوز أن يكون منفصلة عنها ولا متأخرة عن وقت حدوثها، والموافاة منفصلة عن وقت حدوث الإيمان، فلا يكون وجها ولا شرطا في استحقاق الثواب.
لا يقال: الثواب إنما يستحقه العبد على الفعل، كما هو مذهب العدلية، والإيمان ليس فعلا للعبد، وإلا لما صح الشكر عليه، لكن التالي باطل، إذ الأمة