[اعتبار اليقين في المعارف] وحيث انجر البحث إلى ذكر الدلائل على اعتبار اليقين في الإيمان، فلنذكر نبذة مما ذكره علماء الأصول من الأدلة على كون المعرفة واجبة بالدليل، وأن التقليد غير كاف فيها، إذ بذلك يعلم اعتبار الدليل في الإيمان دون التقليد.
اعلم أن العلماء أطبقوا على وجوب معرفة الله تعالى بالنظر، وأنها لا تحصل بالتقليد إلا من شذ منهم، كعبد الله بن الحسن العنبري (1) والحشوية (2) والتعليمية، حيث ذهبوا إلى جواز التقليد في العقائد الأصولية، كوجود الصانع وما يجب له ويمتنع، والنبوة، والعدل وغيرها، بل ذهب إلى وجوبه.
لكن اختلف القائلون بوجوب المعرفة في أنه عقلي أو سمعي، فالإمامية والمعتزلة على الأول، والأشعرية على الثاني، ولا غرض لنا هنا ببيان ذلك، بل ببيان أصل الوجوب المتفق عليه.
من ذلك: إن لله تعالى على عبده نعما ظاهرة وباطنة (3) لا تحصى، يعلم ذلك كل عاقل، ويعلم أنها ليست منه ولا من مخلوق مثله.
ويعلم أيضا أنه إذا لم يعترف بإنعام ذلك المنعم ولم يذعن بكونه هو المنعم لا غيره