تجردت أنفسهم عن جلا بيب أبدانهم، فشاهدت معقولاتها جميعا دائما.
وأما مراتب العقل العملي:
فأولها: تهذيب (1) الظاهر باستعمال الشرائع النبوية.
وثانيها: تهذيب الباطن من الملكات الردية بقطع (2) آثار شواغلها (3) عن التوجه إلى عالم الغيب.
وثالثها: ما يحصل بعد الاتصال بعالم الغيب، وهو: تجلي النفس بالصور القدسية.
ورابعها: ما يتجلى له عقيب اكتساب ملكة الاتصال والانفصال عن نفسه بالكلية عن ملاحظة جلال الله تعالى وجماله، وقصر النظر على كماله حتى لا يرى لأحد قدرة في جنب قدرته الكاملة، ولا علما في جنب علمه الشامل، بل كل وجود وكمال [وجود] (4) إنما هو فائض عن جناب قدسه ووجوده.
ولا يشتبه عليك أن المرتبة الرابعة من العملي هي الرابعة من النظري أعني العقل المستفاد المشاهد لجميع المعقولات فإنه ليس كذلك، بل الرابعة من العملي إذا حصلت حصل بسببها مشاهدة جميع المعقولات، فهي متقدمة في الحدوث على هذا الفرد من العقل المستفاد.
واعلم أن هذه المراتب كما اتضح ببيانها حد التكليف، اتضح به الطريق إلى تكميل الإيمان أيضا، خصوصا ذكر مراتب العمل.