المقالة الثانية (في تحقيق أمور تتعلق بما سبق) وفيها أبحاث:
البحث الأول في إن حقيقة الإيمان بعد الاتصاف بها بحيث يصير المتصف بها مؤمنا عند الله تعالى هل تقبل الزيادة أم لا؟
فقيل: بالثاني لما تقدم من أنه التصديق القلبي الذي بلغ الجزم والثبات، فلا تتصور فيه الزيادة عن ذلك، سواء أتى بالطاعات وترك المعاصي أم لا؟، وكذا لا تعرض له النقيصة وإلا لما كان (1) ثابتا، وقد فرضناه كذلك هذا خلف.
وأيضا حقيقة الشئ لو قبلت الزيادة والنقصان لكانت حقائق متعددة وقد فرضناها واحدة، هذا خلف.
إن قلت: حقيقة الإيمان من الأمور الاعتبارية للشارع، وحينئذ فيجوز أن يعتبر الشارع للإيمان حقائق متعددة متفاوتة زيادة ونقصانا، بحسب مراتب المكلفين في قوة الادراك وضعفه، فإنا نقطع بتفاوت المكلفين في العلم والإدراك.
قلت: لو جاز ذلك وكان واقعا لوجب على الشارع بيان حقيقة إيمان كل فرقة يتفاوتون في قوة الإدراك مع أنه لم يبين، وما ورد من جهة الشارع فيما به يتحقق الإيمان من حديث جبرئيل للنبي صلى الله عليه وآله وغيره من الأحاديث [قوى] (2) قد مر ذ كره، وليس فيه شئ يدل على تعدد الحقائق بحسب تفاوت قوى المكلفين.