قيل في بيان قبول الإيمان الزيادة: إن الثبات والدوام على الإيمان أمر زائد عليه في كل زمان، وحاصل ذلك يرجع إلى أن الإيمان عرض، لأنه من الكيفيات النفسانية، والعرض لا يبقي زمانين، بل بقاؤه إنما يكون بتجدد الأمثال.
أقول: وهذا مع بنائه على ما لم يثبت حقيته (1) بل نفيه، فليس من الزيادة في شئ، إذ لا يقال للمماثل الحاصل بعد انعدام مثله: أنه زائد، وهذا ظاهر.
وقيل في توجيه قبوله الزيادة: إنه بمعنى زيادة ثمرته من الطاعات وإشراق نوره وضيائه في القلب، فإنه يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي.
أقول: هذا التوجيه وجيه لو كان النزاع في مطلق الزيادة، لكنه ليس كذلك، بل النزاع إنما هو في أصل حقيقته لا في كمالها.
واستدل بعض المحققين على أن حقيقة التصديق الجازم الثابت تقبل الزيادة والنقصان، بأنا نقطع أن تصديقنا ليس كتصديق النبي أقوى من تصديقنا وأكمل.
أقول: لا ريب في أنا قاطعون بأن تصديق النبي صلى الله عليه وآله أقوى من تصديقنا وأكمل، لكن هذا لا يدل على اختلاف حقيقة الإيمان التي قدرها الشارع باعتقاد أمور مخصوصة على وجه الجزم والثبات.
فإن تلك الحقيقة إنما هي من اعتبارات الشارع، ولم يعهد من الشارع اختلاف حقيقة الإيمان باختلاف المكلفين في قوة الادراك، بحيث يحكم بكفر قوي الادراك لو كان جزمه بالمعارف الإلهية كجزم من هو أضعف إدراكا منه.
نعم الذي يتفاوت فيه المكلفون إنما هو مراتب كماله بعد تحقق أصل حقيقته التي يخاطب بتحصيلها كل مكلف، ويصير (2) بها مؤمنا عند الله تعالى، ويستحق الثواب الدائم وبدونها العقاب الدائم.