وما ذكر من التأويل مناف للتسليم المذكور. ويمكن الجواب عنه فتأمل.
[هل الطاعات معتبرة في حقيقة الإيمان] وهاهنا بحث يصلح لتزييف الاستدلال بهذه الآيات على المطلبين: مطلب كون الطاعات معتبرة في حقيقة الإيمان، ومطلب اتحاد هما في الحقيقة.
فنقول: لو سلمنا أن المراد من الدين في الآيات الثلاث واحد، وأن الطاعات معتبرة في أصل حقيقة الإسلام، فلا يلزم أن تكون معتبرة في أصل حقيقة الإيمان ولا أن يكون الإسلام والإيمان متحدين حقيقة.
وذلك لأن الآية الكريمة إنما دلت على أن من ابتغى، أي: طلب غير دين الإسلام دينا له فلن يقبل منه ذلك المطلوب، ولم تدل على أن من صدق بما أو جبه الشارع عليه لكنه ترك فعل بعض الطاعات غير مستحل أنه طالب لغير دين الإسلام إذ ترك الفعل يجتمع مع طلبه، لعدم المنافاة بينهما، فإن الشخص قد يكون طالبا للطاعة مريدا لها، لكنها تركها إهمالا وتقصيرا، ولا يخرج بذلك عن ابتغائها وقد تقدم هذا الاعتراض في المقالة الأولى على دليل القائلين بالاتحاد.
إن قلت: على تقدير تسليم اتحاد معنى الدين في الآيات فما يصنع من اكتفى في الإيمان بالتصديق فيما إذا صدق شخص بجميع ما أمره الله تعالى [به] (3) ولو إجمالا، لكنه لم يفعل بعد شيئا من الطاعات لعدم وجوبها عليه، كما لو توقفت على سبب أو شرط ولم يحصل، أو وجد مانع من ذلك، فإنه يسمى مؤمنا ولا يسمى مسلما، لعدم الاتيان بالطاعات التي هي معتبرة في حقيقة الإسلام.
وكذا الحكم على من وجبت عليه وتركها تقصيرا غير مستحل، مع كونه مصدقا بجميع ما أمر به ومريدا للطاعات، فإنه يسمى حينئذ مؤمنا لا مسلما، ويلزم