إذ من المعلوم أن المراد من البيت هنا أهله لا الجدران على حد قوله تعالى " واسأل القرية " (1) وصدق المؤمن على المسلم يقتضي كون الإيمان أعم من الإسلام، أو مساويا له، لكن لا قائل بالأول فتعين الثاني.
واعترض بأن المصحح للاستثناء هو تصادق المستثنى والمستثنى منه في الفرد المخرج (2) لا في كل فرد، وهو يتحقق بكون الإسلام أعم، كما يتحقق بكونه مساويا.
والأمر هنا كذلك فإنه على تقدير كون الإيمان أخص يتصادق المؤمن والمسلم في البيت المخرج الموجود، فإنه بيت لوط على نبينا وعليه السلام.
على أن دلالة هذه الآية معارضة بقوله " قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنا ولكن قولوا أسلمنا " (3) فوصفهم تعالى بالاسلام، حيث جوز لهم الأخبار عن أنفسهم به ونفى عنهم الإيمان، فدل على تغايرهما.
واحتج أهل المذهب الثاني على المغايرة بهذه الآية، والتقريب ما تقدم في بيان المعارضة، وبما تواتر عن النبي صلى الله عليه وآله والصحابة رضي الله عن المؤمنين منهم أنهم كانوا يكتفون في الإسلام بإظهار الشهادتين، ثم بعد ذلك ينبهون المسلم على بعض المعارف الدينية التي يتحقق بها الإيمان.
أقول: إن الآية الكريمة إنما تدل على المغايرة في الجملة، وكما يجوز أن يكون بحسب الحقيقة يجوز أن يكون في الحكم دون الحقيقة، كما اختاره أهل المذهب الثالث.
ويؤيد ذلك أن الله تعالى لم يثبت لهم الإسلام صريحا ولا وصفهم به