وغاية هذه الأقسام مقاصد خمسة: حفظ النفس، والعقل، والدين، والنسب والمال. هكذا قرره الأصحاب رضوان الله عليهم.
وإذا عرفت أقسام الشرعية والفرعية وغايتها وفائدتها، فاعلم أن المكلف بها الآن لا يخرج من عهدة التكليف إلا بالاجتهاد والتقليد، فلا بد من تحقيقها وتبيينها، لنبين طريق براءة الذمة والخروج من العهدة.
الباب الثاني (في تفسير الاجتهاد وتعيين ما هو المراد) أقول: هو لغة احتمال التعب والمشقة. وفي الشرع تارة يطلق على ملكة وقوة يقتدر بصاحبها على استنباط الأحكام الشرعية الفرعية من الأدلة التفصيلية والمراد بالاستنباط هو الاستدلال، ومرجعه هنا إلى أمرين: فهم المدلولات، ومعرفة الرواة.
ومناط الأول على شيئين: قوة مدركة وقد عرفت أنها فطرية. والثاني العلم بالعلاقة بين الدال والمدلول، كالوضع في الدلالة النقلية، وكالرؤية في الدلالة العقلية.
فكل مكلف مجتهد بالمعنى الأول، إذ كلهم ذو بصيرة وصاحب قوة فكرية.
فكل من نظر إلى الآيات والأحاديث بقصد الفهم يفهم منها أحكاما شرعية غير منصوصة ولا ضرورية ولا إجماعية فهو مجتهد، كما قال الصادق عليه السلام: كل من نظر إلى حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا فاتخذوه قاضيا، فإني جعلته عليكم قاضيا (1).
ولا شك أن كل قاض مجتهد كما سيجئ، فالناظر هذا مجتهد، والآيات