من الأقطار عن رئيس ظلم بعضهم بعضا، وانتشر الفساد والفتن بينهم.
ويؤيد ذلك أيضا ما روي عن علي عليه السلام قال: لا يخلو الأرض من قائم بحجة إما ظاهرا مشهورا، أو خائفا مغمورا (1)، لئلا تبطل حجج الله وبيناته (2) انتهى.
فوجود الإمام لطف من الله تعالى وقد فعله سبحانه. وإنما كان هذا اللطف واجبا على الله تعالى، لأن إيجاد إمام يكون عام الرئاسة والشريعة أقرب إلى الصلاح في أمور معاشهم ومعادهم، وأبعد عن الفساد فيهما بسبب وجوده وعصمته، وليس مقدورا للعباد لخفائها عنهم وخصوصا العصمة، فلا بد أن يكون المعين له هو الله سبحانه.
وظهوره وتصرفه لطف آخر، وهو واجب على العباد، لأنه موقوف على تمكينهم له، وقد أخلوا به حيث أخافوه بسوء اختيارهم لغيره ورفع يده عن التصرف الذي كان ينبغي له.
وأما أهل السنة فقد استدلوا على وجوب الإمام سمعا على العباد بوجوه:
منها: حديث " من مات ولم يعرف إمام زمانه فقد مات ميتة جاهلية ".
ومنها: أن الشارع أمر بإقامة الحدود وسد الثغور وتجهيز الجيوش للجهاد وكثير من الأمور المتعلقة بحفظ النظام وحماية بيضة الإسلام.
ومن المعلوم أن كل ذلك لا يتم إلا بوجود رئيس عام (3)، وما لا يتم الواجب المطلق إلا به فهو واجب.
ومنها: أن في نصب الإمام استجلاب منافع لا تحصى، واستدفاع مضار لا تخفى وكل ما هو كذلك فهو واجب. أما الصغرى، فتكاد أن تكون من الضروريات بل المشاهدات. وأما الكبرى، فضرورية أيضا.