الاستدلالية. والثالث دلالة العقل.
وحيث بطل القياس انحصر في البراءة الأصلية والاستصحاب، فلا بد من معرفة الأدلة الثلاثة وكيفية دلالتها، وقد بينها الأصحاب رضوان الله عليهم على وجه لا مزيد عليه.
فهذه الثلاثة مآخذ الأحكام، فهي بمنزلة المادة، ومعرفة باقي العلوم بمنزلة الشرائط المعتبرة من قبل الفاعل.
الباب التاسع (في ذكر العلوم التي ذكرها العلماء وعدوها من شرائط الاجتهاد) وهي تسعة: المنطق، والكلام، وأصول الفقه، ومتن اللغة، والصرف والنحو، وعلم الرجال، والحديث، والتفسير.
أما المنطق، فقد علمت حاله.
ولا يقال: إن التعريفات اللفظية مقيدة بالبداهة فلتعلمه فائدة.
لأنا نقول: لا نسلم أنها من المسائل المنطقية وسند المنع أنها محصلة للتصديقات.
وبيان ذلك: أن الحاصل من التعريف اللفظي هو التصديق دون التصور إنك إذا سمعت غضنفرا مثلا وما علمت معناه، فسألت أحدا عنه، فقال: هو الأسد فالمتحرر الحاصل هنا أمران: أحدهما - الالتفات إلى الأسد المعلوم. والثاني:
التصديق بأن لفظة " غضنفر " موضوع لما وضع له الأسد.
ولا نزاع أن الالتفات إلى تصور حاصل ليس بتصور آخر، فالحاصل ليس إلا التصديق، ولو سلم منه فلا شك في بداهتها، إذ كل عاقل يقتدر على تفسير مدلول لفظ بلفظ آخر.