أما الأول: فقد ذكر بعض الشارحين أن هذه النسبة بالتعريف أشبه منها (1) بالقياس، فعرف الإسلام بأنه التسليم لله والدخول في طاعته، وهو تفسير لفظ بلفظ أعرف منه، والتسليم بأنه اليقين، وهو تعريف بلازم مساو.
إذ التسليم الحق إنما يكون باليقين، فمن تيقن صدق من سلم له (2)، واستحقاقه التسليم واليقين بأنه التصديق، أي: التصديق الجازم المطابق البرهاني، فذكر جنسه ونبه بذلك على حده أو رسمه.
والتصديق بأنه الاقرار بالله ورسله وما جاء من البينات، وهو تعريف لفظ بلفظ أعرف.
والاقرار بأنه الأداء، أي: أداء ما أقربه من الطاعات، وهو تعريف بخاصة له. والأداء بأنه العمل، وهو تعريف له ببعض خواصه انتهى.
أقول: هذا بناء على أن المراد من الإسلام المعرف في كلامه عليه السلام ما هو الإسلام حقيقة عند الله تعالى في نفس الأمر، أو الإسلام الكامل عند الله تعالى أيضا، وإلا فلا يخفى أن الإسلام يكفي في تحققه في ظاهر الشرع الاقرار بالشهادتين، سواء علم من المقر التصديق بالله تعالى والدخول في طاعته أم لا، كما صرحوا به في تعريف الإسلام في كتب الفروع وغيرها.
فعلم أن الحكم بكون تعريف الإسلام بالتسليم بالله آخره تعريفا لفظيا إنما يتم على المعنى الأول، وهو الإسلام في نفس الأمر أو الكامل.
ويمكن أن يقال: إن التعريف حقيقي، وذلك لأن الإسلام لغة هو مطلق الانقياد والتسليم، فإذا قيد التسليم بكونه لله تعالى والدخول في طاعته كان بيانا للماهية التي اعتبرها الشارع إسلاما، فهو من قبيل ما ذكر جنسه ونبه على حده أو رسمه.