أعم من أن يكون باللسان أو بالجنان، واستعمال اللفظ الكلي في أحد أفراد معناه باعتبار تحقق الكلي في ضمنه حقيقة لا مجازا، كما هو المقرر في بحث الألفاظ.
فإن قلت (1): إن المتبادر من معنى الإيمان هو التصديق القلبي عند الإطلاق وأيضا يصح سلب الإيمان عن من أنكر بقلبه وإن أقر بلسانه، والأول علامة الحقيقة والثاني علامة المجاز.
قلت: الجواب عن الأول أن التبادر لا يدل على أكثر من كون المتبادر هو الحقيقي لا المجازي، لكن لا يدل على كون الحقيقة لغوية أو عرفية، وحينئذ فلا يتعين أن اللغوي هو التصديق القلبي، فلعله العرفي الشرعي.
إن قلت: الأصل عدم النقل، فيتعين اللغوي.
قلت: لا ريب أن المعنى اللغوي الذي هو مطلق التصديق لم يبق على إطلاقه بل أخرج عنه إما بالتخصيص عند بعض أو النقل عند آخرين.
ومما يدل على ذلك أن الإيمان الشرعي هو التصديق بالله وحده وصفاته وعدله، وبنبوة نبينا محمد صلى الله عليه وآله، وبما علم بالضرورة مجيئه صلى الله عليه وآله به لا ما وقع فيه الخلاف وعلى هذا أكثر المسلمين.
وزاد الإمامية التصديق بإمامة إمام الزمان، لأن من ضروريات مذهبهم، أيضا أنه مما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وقد عرفت أن الإيمان في اللغة التصديق مطلقا، وهذا أخص منه.
ويؤيد ذلك قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله " (2) أخبر عنهم تعالى بالإيمان، ثم أمرهم بإنشائه فلا بد أن يكون الثاني غير الأول، وإلا لكان أمرا بتحصيل الحاصل.