وهو ضعيف جدا كثير التفرد بالغرائب. وأبو عمرو الزبيري وهو مجهول، فسقط الاستدلال به.
ولو سلم سنده فلا دلالة فيه على اختلاف نفس حقيقة الإيمان.
ألا ترى أنه قال عليه السلام: ولكن بتمام الإيمان دخل المؤمنون الجنة. فأشار بذلك إلى نفس حقيقة الإيمان التي يترتب عليها النجاة، وجعل الناقص عنها مما يترتب عليه دخول النار، فلم يكن إيمانا وإلا لم يدخل صاحبه النار، لقوله تعالى " وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات " (1) وجعل الزيادة في الإيمان مما يوجب التفاضل في الدرجات.
ولا ريب أن هذه الزيادة لو تركت، واقتصر المكلف على ما يحصل به التمام، لم يعاقب على ترك هذه الزيادة، ولأنه عليه السلام جعل التمام موجبا للجنة، فكيف يوجب العقاب ترك الزيادة؟ مع أن ما دونه - وهو التمام - يوجب الجنة.
وعلى هذا فتكون الزيادة غير مكلف بها، فلم تكن داخلة في أصل حقيقة الإيمان، لأنه مكلف به بالنص والاجماع، فيكون من الكمال.
فظهر بذلك كون هذا الحديث دليلا على عدم قبول حقيقة الإيمان للزيادة والنقصان، لا دليلا على قبولهما. وهذا استخرج لم نسبق إليه، وبيان لم يعثر غيرنا عليه.
على أن هذا الحديث لو قطعنا النظر عما ذكرناه وحملناه على ظاهره لكان معارضا بما سبق من حديث للنبي صلى الله عليه وآله حيث سأله عن الإيمان، فقال: أن تؤمن بالله ورسله واليوم الآخر، أي: تصدق بذلك.
ولو بقي من حقيقته شئ سوى ما ذكره له لبينه له، فدل على أن حقيقته تتم بما أجابه بالقياس إلى كل مكلف. أما للنبي فلأنه المجاب به حين سأله، وأما لغيره فللتأسي به.