فمعناه هو الفكر والنظر أو قريب منهما. وقد مر معك مرارا أنهما طبيعتان للانسان وقد يقدر بأنهما ملاحظة المعقول لتحصيل المجهول.
قال بعض العلماء: إن الأدلة العقلية في الأحكام الشرعية الفرعية قليلة جدا، بل منحصرة في البراءة الأصلية والاستصحاب والقياس، والظاهر أن الترجيح - وهو تعدية الحكم من منطوق إلى مسكوت عنه - ضرب من القياس الجلي، كما يقال: ضرب الوالدين حرام، لأن أفهما حرام، وقد يسمى بالتنبيه بالأدنى على الأعلى وكذا اتحاد طريق المسألتين " قياس جلي ".
لما علم أن المسائل الاجتهادية عندنا كثيرة جدا، وليس كل الخلافيات منها، لأن سبب الخلاف أكثرها النصوص وقد علمت أن المنصوصات لا تسمى اجتهادية.
فطريق معرفة الأحكام التي لا تكون ضرورية أولا، أن يراجع أولا الكتب الفقهية، فما ذكروا فيه بالاجماع وما اختلفوا فيه، فلا بد من رده إلى أصله ومأخذ ه فإن ثبت حكمه من الكتاب العزيز بطريق النص أو بطريق الاجتهاد فهو المراد.
وإلا فليرجع إلى السنة النبوية أو الإمامية عليهما السلام ولا فرق بينهما إلا أن السنة النبوية يعمل بأقسامها الثلاثة: من القول، والفعل، والتقرير مطلقا، لعدم جواز التقية على النبي صلى الله عليه وآله.
وأما السنة الإمامية، فيفرق بين حال التقية وغيرها، لوجوبها عليهم عليهم السلام.
فإن وجد الحكم فيها صريحا فهو المراد، وإلا فقد يستنبط ويستخرج بضرب من العمل، لما روى زرارة وأبو بصير في الصحيح عن الباقر والصادق عليهما السلام أنهما قالا: علينا أن نلقي إليكم الأصول وعليكم أن تفرعوا.
وإن لم يوجد الحكم في الكتاب ولا في السنة، لا صريحا ولا بالاجتهاد والتفريع فيراجع إلى أدلة العقل من براءة الذمة أو الأصل والاستحسان.