ينافيه الحكم بإسلامه في نفس الأمر وفي الظاهر أيضا، وهو ظاهر.
وحاصله أن الموجب لحكمنا بكفره هو علمنا بأنه لم يعتقد ما يتوقف حصول الإيمان على اعتقاده، وهذا العلم باق ما دام لم يعتقد، فالحكم بكفره باق باطنا وظاهرا، فلم يتحقق اختلاف الموضوع في الحكم بإسلامه في الظاهر.
قلت: المراد بالحكم بإسلامه ظاهرا صحة ترتب كثير من الأحكام الشرعية على ذلك والحاصل أن الشارع جعل الاقرار بالشهادتين علامة على صحة إجراء أكثر الأحكام الشرعية على المقر، كحل مناكحته والحكم بطهارته وحقن دمه وماله وغير ذلك من الأحكام المذكورة في كتب الفروع.
وكأن الحكمة في ذلك هو التخفيف عن المؤمنين، لمسيس الحاجة إلى مخالطتهم في أكثر الأزمنة والأمكنة، واستمالة الكافر إلى الإسلام، فإنه إذا اكتفى في إجراء أحكام المسلمين عليه ظاهرا بمجرد إقراره الظاهري ازداد ثباته ورغبته في الإسلام، ثم يترقى في ذلك إلى أن يتحقق له الإسلام باطنا أيضا.
وأنت خبير بأن هذا الجواب إنما يستقيم على مذهب القائلين بعمومه صدقا وهذا وجه آخر لترجيح القول بالعموم في الحكم.
وقد ظهر مما حررناه أن المراد من كون الكفر عدم الإيمان عما من شأنه إلى آخره أن الكفر في نفس الأمر عدم الإيمان والاسلام فيه، والكفر في الظاهر عدم الإيمان والاسلام فيه.
وحينئذ فلا يلزم من الحكم بأن الكفر عدم الإيمان إلى آخره عدم صحة الحكم بالاسلام ظاهرا على من حكم بكفره على بعض التقارير، وهو ما إذا كان محكوما بكفره ظاهرا.
واعلم أن جمعا من العلماء الإمامية حكموا بكفر أهل الخلاف، والأكثر على الحكم بإسلامهم، فإن أرادوا بذلك كونهم كافرين في نفس الأمر لا في الظاهر