ومن اكتفى بذكر الإرادة رأى أن الكراهية هي إرادة الترك، ولذا عدهما العلامة واحدة، وزاد اعتبار القدم والأزلية والأبدية، لأنها تفصيل معنى السر مدية والتفصيل أولى من الاجمال، وخصوصا في مقام تعداد صفات الكمال، فإن تعداد الثناء بأربع صفات أبلغ منه بصفة تجمع معنى الأربع. وأما عدها واحدة فلرجوعها إلى معنى واحد وهو السر مدية.
وبالجملة فوجه الاقتصار (1) على هذه الثمانية، مع أن صفاته تعالى كثيرة جدا، أن الغرض بيان الصفات الذاتية الحقيقية. وما عدا المذكورات إما إضافية محضة، كالخالق والرازق والحفيظ إلى غير ذلك، أو يرجع إلى المذكورات كما لا يخفى.
على أنه يمكن أيضا رد جميع الصفات إلى القدرة والعلم، فإن الإرادة والكلام يرجعان إلى القدرة وما سواهما إلى العلم، بل يمكن رد الجميع إلى وجوب الوجود.
وعلى هذا فيمكن أن يقال: يكفي في معرفة الله تعالى اعتقاد وجوب وجوده وقدرته وعلمه، بل اعتقاد وجوب وجوده.
وبالجملة فالحق أن صفاته تعالى اعتبارات تحدثها عقولنا عند مقايسة ذاته تعالى إلى غيرها، ونظرا إلى الآثار الصادرة عنه تعالى، فإنه لما أوجد مقدورا صادرا عنه تعالى اعتبر له قدرة كما في الشاهد.
وهكذا حين أوجد هناك معلوما اعتبر له علم إلى غير ذلك، وإلا فذاته المقدسة لا صفة له زائدة عليها، وإلا لزم كونه محلا لغيره إن قامت به، وقيام صفته بغيره إن لم تقم به، وكلاهما بديهي البطلان، وعدم قيامها بشئ بل بنفسها أظهر بطلانا.