والصحابة كانوا يكتفون في الخروج عن الكفر بكلمتي الشهادة، فتكون هي الإيمان إذ لا واسطة بين الكفر والإيمان، لأن الكفر عدم الإيمان.
وبقوله تعالى " فمنكم كافر ومنكم مؤمن " (1) وبقوله عليه السلام " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله " (2) وبقوله عليه السلام لأسامة حين قتل من تكلم بالشهادتين " هلا شققت قلبه " (3) أو هل شققت قلبه " على بعض النسخ، يريد بذلك الإنكار عليه حيث لم يكتف بالشهادتين منه.
أقول: هذا الحديث على تقدير صحته، فدلالته على اعتبار التصديق أظهر مما ذكروه، إذ المتبادر منه أن النبي صلى الله عليه وآله لما أنكر عليه بفعله ذلك، فكأنه قال له: الإيمان يكون في القلب، فهلا شققت قلبه لتجده فيه، أو هل شققت قلبه فلم تجده؟ حتى فعلت ما فعلت.
على أنه يجوز أن يكون الإنكار عليه من جهة أن الاقرار بالشهادتين يوجب حقن الدماء عند الشارع، وحرمة القتل وانتهاك الحرمة، وهو لا يدل على حصول الإيمان بالشهادتين فقط، فلعل هذا التحريم كان للترغيب في الإسلام وحصوله بالشهادتين فقط دون الإيمان.
والجواب عن الأول: أن الخروج عن الكفر بكلمة الشهادة إن أرادوا به الخروج في نفس الأمر، بحيث يصير مؤمنا عند الله سبحان بمجرد ذلك من دون التصديق فهو ممنوع، لم لا يجوز أن يكون اكتفاؤهم بذلك للترغيب في الإسلام لا للحكم بالإيمان؟