فالظاهر أن النزاع لفظي، إذ القائلون بإسلامهم يريدون ما ذكرناه من الحكم بصحة جريان أكثر أحكام المسلمين عليهم في الظاهر، لا أنهم مسلمون في نفس الأمر، ولذا نقلوا الإجماع على دخولهم النار.
وإن أرادوا بذلك كونهم كافرين باطنا وظاهرا، فهو ممنوع ولا دليل عليه، بل الدليل قائم على إسلامهم ظاهرا، كقوله عليه السلام " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله " (1) وقد تقدم نبذة من ذلك.
المبحث الثالث في أن الانسان في زمان مهلة النظر إذا أراد أن يعرف الله تعالى به فإن العارف الخمسة نظرية هل هو كافر أو مؤمن؟
جزم السيد الشريف المرتضى رضي الله عنه بكفره، واستشكل بعضهم.
والظاهر أن محل النزاع في من لم يسبق منه اعتقاد ما يوجب الكفر، فإنه في زمان طلب الحق بالنظر فيه مع بقاء ذلك الاعتقاد لا ريب في كفره.
بل النزاع في من هو في أول مراتب التكليف إذا وجه نفسه للنظر في تحقيق الحق ليعتقده ولم يكن معتقدا لما يوجب الكفر بل هو متردد حتى يرجح عنده شئ فيعتقده.
وكذا من سبق له اعتقاد ما يوجب الكفر رجع (2) عنه إلى الشك بسبب نظره في تحقيق الحق ولما يترجح (3) عنده الحق، فهذان هل هما كافران في مدة النظر أم لا؟