من شيعتهم في أحاديثهم عليهم السلام، فإن كثيرا منهم ما كانوا يعتقدون عصمتهم لخفائها عليهم، بل كانوا يعتقدون أنهم علماء أبرار، يعرف ذلك من تتبع سيرهم وأحاديثهم وفي كتاب أبي عمرو الكشي (1) رحمه الله جملة مطلعة على ذلك، مع أن المعلوم من سيرتهم عليهم السلام مع هؤلاء أنهم كانوا حاكمين بإيمانهم بل عدالتهم.
وهل يكفي في كل شخص اعتقاد إمامة من مضى منهم عليهم السلام إلى إمام زمانه وإن لم يعتقد إمامة الأئمة الباقين الذين وجدوا وانتهت الإمامة إليهم بعد انقراضه الظاهر ذلك، وفي كثير من كتب الأحاديث والرجال ما يشعر بذلك، فليطلب منهما.
والدليل إنما يدل على وجوب اعتقاد إمامة (2) الاثنا عشر بالنظر إلى من تأخر زمانه عن تمام عددهم عليهم السلام، فليتأمل، كيف؟! وقد كانوا في كل زمان مخفيين مشردين منزوين ملتزمين للتقية في أكثر أو قاتهم، لا يستطيعون إخبار خواصهم بإمامتهم فضلا عن غيرهم، يشهد بذلك كتب الرجال والأحاديث أيضا، وحينئذ فلا بد من الاكتفاء بما ذكرناه، والالزام خروج أكثر شيعتهم عن الإيمان، وهو باطل.
واعلم أن من مشاهير الأحاديث بين العامة والخاصة وقد أوردها العامة في كتب أصولهم وفروعهم أن " من مات ولم يعرف إمام زمانه فقد مات ميتة جاهلية " (3).
فنحن الحمد لله نعرف إمام زماننا في كل وقت، ولم (4) يمت أحد من الإمامية ميتة جاهلية، بخلاف، غيرنا من أهل الخلاف، فإنهم لو سئلوا عن إمام زمانهم لسكتوا، ولم يجدوا إلى الجواب سبيلا، وتشتت كلمتهم في ذلك.