هي في الحكم فقط، بمعنى أنا قد نحكم على شخص في ظاهر الشرع بكونه مسلما لا قراره بالشهادتين، ولا نحكم عليه بالإيمان حتى نعلم من حاله التصديق.
وما نقلناه من المذهبين الأولين يقتضي وقوع النزاع في الحقيقة والحكم.
أما أهل المذهب الأول، وهم القائلون باتحاد هما مطلقا صدقا ومفهوما أو صدقا فقط، فإنهم صرحوا باتحاد هما في الحكم أيضا، حيث قالوا: لا يصح في الشرع أن يحكم على أحد بأنه مؤمن وليس بمسلم، أو مسلم وليس بمؤمن ولا نعني بوحدتهما سوى هذا.
وأما أهل المذهب الثاني وهم القائلون بالتغاير، فإنهم صرحوا بتغايرهما صدقا ومفهوما وحكما، حيث قالوا: إن حقيقة الإسلام هي الانقياد والإذغان بإظهار الشهادتين، سواء اعترف مع ذلك بباقي المعارف أم لا، فيكون أعم مفهوما من الإيمان.
فتبين مما حررناه أن المذاهب في بيان حقيقة الإسلام ثلاثة (1).
احتج أهل المذهب الأول بقوله تعالى " فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين " (2) وجه الاستدلال أن " غير " ها هنا (3) للاستثناء بمعنى " إلا " وهذا الاستثناء مفرغ متصل، فيكون من الجنس.
إذ المعنى - والله أعلم -: فما وجدنا فيها بيتا من بيوت المؤمنين إلا بيتا من المسلمين، وبيت المسلم إنما يكون بيت المؤمن إذا صدق المؤمن على المسلم، كما هو مقتضى الاتحاد في الجنس.