أعمال الجوارح نفس الإيمان أو جزءه، لما جعل كله محل القلب، كما هو ظاهر الآية الكريمة.
وقوله تعالى " وقلبه مطمئن بالإيمان " (1) فإن اطمئنانه بالإيمان يقتضي تعلقه كله به، وإلا لكان مطمئنا ببعضه لا كله.
أقول: يرد على الأخير أنه لا يلزم من اطمئنانه بالإيمان كونه محلا له، إذ من الجائز كونه عبارة عن الطاعات وحدها، أو مع شئ آخر واطمئنان القلب لاطلاعه على حصول ذلك، فإن القلب يطلع على الأعمال.
ويرد على الأولين أن الإيمان المكتوب والداخل في القلب إنما هو العقائد الأصولية، ولا يدل على حصر الإيمان في ذلك، ونحن لا نمنع ذلك بل نقول باعتبار ذلك في الإيمان، إما على طريق الشرطية لصحته، أو الجزئية له، إذ من يزعم أنه الطاعات فقط لا بد من حصول ذلك التصديق عنده أيضا لتصح تلك الأعمال، غاية الأمر أنه شرط للإيمان أو جزؤه لا نفسه، كما تقدمت الإشارة إليه.
نعم هما يدلان على بطلان مذهب الكرامية، حيث يكتفون في تحققه بلفظ الشهادتين من غير شئ آخر أصلا لا شرطا ولا جزءا.
قيل: وكذا آيات الطبع والختم تشعر بأن محل الإيمان القلب، كقوله تعالى " أولئك الذين طبع الله على قلوبهم فهم لا يؤمنون " (2) " وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله " (3) وفيه ما تقدم.
وأما السنة المطهرة، فكقوله عليه السلام " يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبي على دينك ".