وهذا التفصيل مستفاد من الخبر المستفيض الشائع بين الأمة، من أن النبي صلى الله عليه وآله لما بعث معاذ للقضاء إلى اليمن، قال له: بما تحكم يا معاذ؟ قال: بكتاب الله ثم قال: فإن لم تجد فيه؟ قال: فبسنة رسول الله. قال: فإن لم تجد فيها. قال:
باجتهادي (1).
فظهر مما تلو نا عليك أن الاجتهاد علينا ببركة المعصومين صلوات الله عليهم والعلماء الماضين في غاية السهولة، لكثرة الفتاوى والأحكام المنقولة المروية عنهم عليهم السلام، وإلا فيتمسك بالبراءة الأصلية والاستصحاب، وهما طريقان واضحان في غاية السهولة.
ومما يدل على كثرة الأحكام والفتاوى المستفادة من الأخبار أنه نقل الثقات أن أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق صلوات الله عليه كتبت من أجوبة مسائله أربعمائة مصنف، ودون من رجاله المعروفين أربعة آلاف رجال من أهل العراق والحجاز وخراسان والشام. وكذا عن مولانا الباقر عليه السلام، وقريب منهما الكاظم عليه السلام، وكذا سائر الأئمة عليهم السلام، فنقل عنهم الأحكام وإن كان بعضهم أكثر من بعض.
قال في الذكرى: لا يقال فمن أين وقع الاختلاف العظيم بين فقهاء الإمامية إذا كان نقلهم عن المعصومين وفتواهم عن المطهرين؟
لأنا نقول: محل الخلاف إما من المسائل المنصوصة، أو مما فرعه العلماء والسبب في الثاني اختلاف الأنظار ومباديها، كما هو بين سائر علماء الأمة. وأما الأول فسببه الاختلاف بين الروايات ظاهرا، وقل ما وجد فيها التناقض بجميع شروطه.
وقد كانت الأئمة عليهم السلام في زمن تقية واستتار خوفا من مخالفيهم، فكثير إما