أنه هل هو بخروج الخطوط الشعاعية مثلا، أو بانطباع الصور في جليدته. كذلك صاحب القوة الفكرية يتفكر ويستدل، وإن لم يعلم كيفية الفكر والاستدلال.
وممن نبه عليه السيد العارف رضي الدين علي بن طاووس (1) قدس سره فقال:
ابن آدم إذا كان له نحو من سبع سنين وإلى قبل بلوغه إلى مقام التكليف لو كان جالسا مع تباعة، فالتفت إلى ورائه فرأى طعاما سبق إلى تصويره وإلهامه أن ذلك ما حضر بذاته وإنما أحضره غيره، ويعلم ذلك على غاية عظيمة من التحقيق والكشف والضياء، بحيث لو حلف له كل من حضر عنده أنه حضر ذلك الطعام بذاته، كذب الحالف ورد عليه دعواه.
فهذا يدل على أن فطرة ابن آدم ملهمة معلمة من الله سبحانه، بأن الأثر دلالته بديهية على مؤثره، والحادث دال على محدثه، ولذلك ذهب العلماء والحكماء على أن للنفس الناطقة مراتب أربعة.
الأول: يسمى العقل الهيولاني، وهي المرتبة التي تخلو عن جميع الصور والمعلومات، لم ترسم فيها صور المحسوسات وسائر البديهيات، فينتقل منها بالكفر والحدس إلى النظريات والحدسيات، ويحصل لها المرتبة الناشئة التي تسمى بالعقل وبالملكة.
ولا ريب أن هذا الاكتساب والانتقال هو الكفر والاستدلال، فثبت أن كل عاقل مستدل بالطبع، مكتسب للمجهولات بحسب الفطرة، إذ ليس له معلم في باب الأمر وأول الانفعال.