وأقول أيضا: الذي يقتضيه النظر أن هذا الشخص لا يحكم عليه بكفر ولا بإيمان في زمان النظر حقيقة بل تبعا كالأطفال، فإنه لم يتحقق له التكليف التام ليخرج عن حكم الأطفال، فهو باق على ذلك إلى أن يمضي عليه زمان يمكن فيه النظر الموصل (1) إلى الإيمان، لكن هذا لا يتم في من لم يسبق له كفر، كمن هو في أول بلوغه. أما من سبق له اعتقاد الكفر ثم رجع عنه إلى الشك فيتم فيه.
أما الخاتمة ففيها مباحث مهمة:
الأول (في تعيين زمان التكليف بالمعارف الإلهية) إعلم أن المتكلمين حددوا وقت التكليف بالمعرفة بالتمكن من العلم بالمسائل الأصولية، حيث قالوا في باب التكليف: إن المكلف يشترط كونه قادرا على ما كلف به مميزا بينه وبين غيره مما لم يكلف به متمكنا من العلم بما كلف به، إذ التكليف بدون ذلك محال.
وظاهر (2) أن هذا لا يتوقف على تحقق البلوغ الشرعي بإحدى العلامات المذكورة في كتب الفروع، بل قد يكون قبل ذلك بسنتين أو بعده كذلك، بحسب مراتب الادراك قوة وضعفا.
وذكر بعض فقهائنا أن وقت التكليف بالمعارف الإلهية هو وقت التكليف بالأعمال الشرعية، إلا أنه يجب أولا بعد تحقق البلوغ والعقل المسارعة إلى تحصيل المعارف قبل الاتيان بالأعمال.