وأقول أيضا: في جعله الاقرار بالله تعالى إلى آخره تعريف لفظ بلفظ أعرف للتصديق بحيث لا يخفى.
لأن المراد من التصديق المذكور هنا القلبي لا اللساني، حيث فسره بأنه الجازم المطابق إلى آخره.
والاقرار المراد منه الاعتراف باللسان، إذ هو المتبادر منه.
وكذا جعله بعضهم قسيما للتصديق في تعريف الإيمان، حيث قال: هو التصديق مع الاقرار.
وحينئذ فيكون بين معنى اللفظين غاية المباينة، فكيف يكون تعريف لفظ بلفظ أعرف اللهم إلا أن يراد من الاقرار بالله ورسله مطلق الانقياد والتسليم بالقلب واللسان على طريق عموم المجاز، ولا يخفى (1) ما فيه.
والذي يظهر لي أنه تعريف بلازم عرفي، وذلك لأن من أذعن بالله ورسله وبيناتهم لا يكاد ينفك عن إظهار ذلك بلسانه، فإن الطبيعة جبلت على إظهار مضمرات القلوب كما دل عليه قوله عليه السلام " ما أضمر أحدكم شيئا إلا وأظهره الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه " (2).
ولما كان هذا الاقرار هنا مطلوبا للشارع مع كونه في حكم ما هو من مقتضيات الطبيعة، نبه عليه السلام على أن التصديق هو الاقرار مع تأكيد طلبه، حتى كان التصديق غير مقبول إلا به، أو غير معلوم للناس إلا به.
وكذا أقول في جعله الأداء خاصة للاقرار، فإن خاصة الشئ لا تنفك عنه، والأداء قد ينفك عن الاقرار، فإن المراد من الأداء هنا عمل الطاعات، والاقرار