لا يسقط كل كبيرة، بل قد يحتاج معه إلى أمر آخر، كحد القذف ورد المال المغصوب.
والمراد بالاصرار على الصغيرة العزم على فعلها بعد الفراغ منها، أو على معاودتها قبله ولو من نوع آخر، ومنه المداومة على نوع واحد من الصغائر بلا توبة، والاكثار من جنس الصغائر بلا توبة.
وأما من فعل الصغيرة ولم يخطر بباله بعدها توبة ولا عزم على فعلها ولا أكثر منها ثم عاد إليها فليس بمصر، ولعله مما يكفره الأعمال الصالحة من الصلاة والصيام كما جاء في الأخبار ويظهر من الآية.
وأما المروة، فالمراد بها تنزيه النفس عن الدناءة التي لا تليق بأمثاله، ويستهجن ممن هو على مثل حاله. ويحصل ذلك بالتزام محاسن العادات وترك الرذائل المباحة بحسب الزمان والمكان والرتبة، فربما كان الشئ مطلوبا في وقت مرغوبا عنه في آخر.
ومنها: ملاحظة الحال في اللبس والهيئة، ومن هنا قالوا: يقدح فيها لبس الفقيه أهبة الجندي. وترك الرذائل المباحة، كالبول والأكل في الأسواق، وكثرة الضحك والسخرية، والافراط في المزاح، وكشف الرأس بين الناس وهم ليس كذلك، وكشف العورة التي يتأكد الاستحباب سترها، وهو ما بين السرة والركبة كذلك.
ونظائر ذلك مما يسقط المحل والغيرة من القلوب، ويدل على عدم الحياء، وقلة المبالاة بالاستنقاص، وهو كثير.
واعلم أن التزام محاسن العادات إنما هو في المباحات وما ناسبها، أما ما ورد في الشرع برجحانه واستحبابه، فلا يقدح ارتكابه وإن هجره العامة واستهجنه المعظم، كالاكتحال بالأثمد والحنك والحناء في بعض البلاد، لأن الشرع في وروده أصل للعادة لا فرع عليها. وإنما يرجع إليها مع عدم دلالته على شئ