على كيفية الأحياء، ليطمئن قلبي بمعرفة تلك الكيفية الغريبة، البديعة، ولا ريب أن الجهل بمعرفة تلك الكيفية لا يضر بالإيمان، ولا يتوقف على معرفتها.
وأما سؤال الله سبحانه عن ذلك مع كونه عالما بالسرائر، فهو من قبيل خطاب المحب لحبيبه.
إن قلت: فما الجواب أيضا عن قوله تعالى " وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون " (1) فإنه يفهم من الآية الكريمة وصف الكافر المشرك بالإيمان حال شركه، إذ الجملة الاسمية حالية، فضلا عن الاكتفاء بالظن وما في حكمه في الإيمان، وهو ينافي اعتبار اليقين.
قلت: لا، فإن الآية الكريمة إنما دلت على (2) إخباره تعالى عنهم بالإيمان بالصانع والتصديق بوجوده، لكنهم لم يوحدوه في حالة تصديقهم به، بل اعتقدوا له شريكا تعالى الله عما يشركون.
وحينئذ فيجوز كونهم جازمين بوجود الصانع تعالى مع كونهم غير موحدين، فإن التوحيد مطلب آخر، فكفر هم كان كذلك (3)، فلم يتحقق لهم الإيمان الشرعي، بل الإيمان جزء (4) منه، وهو غير كاف.
على أنه يجوز أن يكون المراد من الإيمان المنسوب إليهم في الآية الكريمة التصديق اللغوي، وقد بينا سابقا أنه أعم من الشرعي، وليس النزاع فيه بل في الشرعي.
ويكون المعنى والله أعلم: وما يؤمن أكثرهم بلسانه إلا وهو مشرك بقلبه، أي: