وذلك أن الصلاة ستر وكفارة للذنوب، ولولا ذلك لم يكن لأحد أن يشهد على آخر (1) بالصلاح، لأن من لم يصل فلا صلاح له بين المسلمين، لأن الحكم جرى فيه من الله ومن رسوله صلى الله عليه وآله بالحرق في جوف بيته.
وقال صلى الله عليه وآله: لا صلاة لمن لا يصلي في المسجد مع المسلمين إلا من علة.
وقال رسول الله عليه وآله: لا غيبة لمن (2) يصلي في بيته ورغب عن جماعتنا، ومن رغب عن جماعة المسلمين وجب على المسلمين غيبته وسقط بينهم عدالته ووجب هجرانه. وإذا رفع إلى إمام المسلمين أنذره وحذره، فإن حضر جماعة المسلمين وإلا أحرق عليه بيته. ومن حضر جماعتهم حرم عليهم غيبته وتثبت عدالته بينهم (3).
وهذا الحديث يخرج شاهدا على القول الثالث، وإن كان القول فظاهره أعم باعتبار استناد التوعد فيه إلى الله ورسوله، واختصاص الحديث بوعيد الله، فإن مآلها واحد.
فإن ما قاله الرسول صلى الله عليه وآله مستند إلى الله، لأنه لا ينطق عن الهوى، وقد روي ما يدل عليه وعلى ما ورد عنهم عليهم السلام.
وعلى تقدير الفرق بين الصغائر والكبائر، فلا تقدح الصغيرة إلا مع الاصرار عليها، كما يزول أثر الكبر مع التوبة عنها.
وهو معنى ما ورد في الحديث من أنه لا صغيرة مع الاصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار. فإن الاصرار على الصغيرة يلحقها بالكبائر، والاستغفار من الكبيرة على وجهه يسقطها.
والأول جار على عمومه، والثاني مقيد بذنوب مخصوصة، فإن الاستغفار