جوزه الشهيد رحمه الله متمسكا بالعمل بكتب النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام. وهو محل نظر، إذ عدم اعتبار الخط كاد يكون إجماعيا عندنا، والتمسك المذكور قياس، والقول بأنه من باب اتحاد الدليلين غير واضح. والظاهر من قوله تعالى " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " وللخبر المشهور " خذوا العلم من أفواه الرجال " (1) ولقوله عليه السلام " ولا يغرنكم الصحفيون " (2).
ولا شك أنه على طريق التجوز لا بد من اشتراط الامن من التزوير والتصحيف معا والجزم بالمدلول، أو الظن الذي يصلح أن يكون مناطا لحكم شرعي.
ولا ريب في أن هذه الشروط لا تحصل إلا لمن تتبع كلام الفقهاء وألف بعباراتهم وأنس باصطلاحاتهم، وإلا فقد يخبط خبط عشواء، ويضل عن الطريق كأعمى.
ولا ريب أن هذه الشروط كلها للعمل بقول المفتي. وأما الفتوى والحكم، فلا يجوزان للمقلد بالاجماع.
قال بعض المحققين: لا يصح الفتوى للمقلد، سواء قلد حيا أو ميتا، بل من سمع من المفتي الفتوى بشئ من الأحكام وكان السامع موصوفا بالعدالة متيقنا لما سمع عارفا بمعناه صح أن يرويه لغيره، وصح لذلك الغير العمل بما يحكيه له عن المفتي إذا كان عارفا بعدالة الراوي والمروي عنه وأنه موصوف بشرائط الفتوى، ويسمى ذلك راويا لقول المفتي انتهى.
واعلم أن فهم فتاوي العلماء من عباراتهم أصعب من فهمها من الكتاب مصححة مضبوطة، فلا مجال لتصحيح، وكذا الأحاديث الأحكامية.
والثاني: أكثر الأحاديث جواب لسؤال، والسؤال قرينة قوية على فهم