ويؤيد ذلك ما ذكره بعضهم من أن الاستدلال بآية الاخلاص إنما يتم بإضمار لفظ المذكور ونحوه، فإن الإشارة في قوله تعالى " وذلك الدين القيامة " يرجع إلى متعدد، وهو العبادة مع الاخلاص في الدين وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة.
بل مع جميع الطاعات، بناءا على أنه اكتفى عن ذكرها بذكر الأعظم منها، وأنها قد ذكرت إجمالا في قوله تعالى " ليعبدوا " وذكر أقام الصلاة وإيتاء الزكاة، لشدة الاعتناء بهما، فكان حق الإشارة أن يكون أولئك ونحوه تطابقا بين الإشارة والمشار إليه، ولما كانت الإشارة مفردة ارتكب المذكور.
وحيث لا بد من الاضمار، فللخصم أن يضمر الاخلاص، أو التدين (1) المدلول عليهما بقوله " مخلصين له الدين " والترجيح لهذه القرينة من المعنى اللغوي للإيمان.
وبعد ذلك فلم يكن في الآية دلالة على أن الطاعات هي الإيمان، فلم يتكرر الأوسط في قولنا " عبادة الله مع الاخلاص " وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة كالدين (2)، والدين هو الإسلام، والاسلام هو الإيمان، لقوله تعالى " ومن يبتغ " الآية.
فالطاعات هي الإسلام والإيمان، لأنه يقال: لا نسلم أن المراد من الدين في المقدمة الأولى ما يراد منه في المقدمة الثانية.
وقد ظهر من هذا تزييف الاستدلال بهذه الآيات (3) على كون الطاعات معتبرة في حقيقة الإيمان، وأنه (4) لم يناف ما نحن فيه من اتحاد الإسلام والإيمان، لكن لا يخفى أنه مناف لما قد بيناه من أن البحث كله على تقدير تسليم دلالة هذه الآيات